إن الهبة التضامنية مع التلميذ فضلاوي بوحفص تبرهن لنا عن أصالة الشعب الجزائري وطيبته، وتعكس حبه ودعمه لكل ما يرتبط بالعلم. وكيف لا، فبوحفص من خيمته البسيطة أعلن انتصاره على كل الظروف، في تحدٍ واضح لكل النظريات التي جاء بها علم النفس وعلم الاجتماع وما يُسمى بالتنمية البشرية ، لقد أثقلوا كاهلنا بالحديث عن ضرورة راحة التلميذ وأنه يحتاج إلى غرفة مكيفة مجهزة بكل وسائل الراحة من مكتب وحاسوب وغيرها. ورغم اتفاقي مع هذا الطرح، إلا أنه يبدو غير واقعي في بلادنا، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة، فمن يستطيع توفير كل هذه الإمكانيات لأبنائه هم فئة قليلة من مجتمعنا، وكثيرًا ما نجد أغلب أبنائهم بعيدين نوعًا ما عن العلم وربما فيهم من لا يفرق بين المبتدأ والخبر ، ودون الخوض في هذا الحديث الذي قد يطول، دعونا نترك أساتذتنا في المجالات السالفة الذكر يتناقشون حول ظاهرة بو حفص، ولنتأمل معًا قليلاً فعندما يغادر بو حفص خيمته، يبقى الآلاف من أمثاله يعيشون نفس الظروف في الخيام، وحلمهم الوحيد مسكن يأويهم من حر الصيف وبرد الشتاء ومكان يلعبون فيه ، ولو زرت الجزائر العميقة حيث الوطن مختلف عن ذاك الذي نعرفه، لوجدت ظروفًا أقسى بكثير ، فإن كان بو حفص يملك دراجة نارية لأبيه تنقله إلى الثانوية، فهناك من لا يملك حتى هذه الوسيلة.
إنهم يصرخون كل يوم في صمت يحاكي صمت القبور، ولم يجدوا من يسمع صوتهم أو يسلط الضوء على معاناتهم ، لو تعمقت في زيارتك للجزائر، لأدركت أنه لا توجد خيمة تخلو من مبدع ، فهم جواهر غطاها الغبار، يحسبها الجاهل حجارة.