وقَد تَتفاجئُ الأسرةُ بأنَّ وليدَها الذي تَنتَظِرُهُ بِشغافِ القَلبِ وفارِغِ الصَّبرِ غير سليم، فتَنقَلِبُ الفَرحةُ إلى حزنٍ وألمٍ وشُعورٍ بالذَّنبِ، أو استنكارٍ وجفاء. إنَّ ميلادَ الطِّفلِ ذي الاحتياجات الخاصّة يؤدّي إلى استجاباتٍ انفعاليَّةٍ مُتبايِنةٍ لدى الزَّوجينِ والأبناء، وتتأثَّرُ طبيعَةُ استِجابةِ الأبوينِ بِعوامِلَ عديدةٍ، منها نوعُ الإعاقَةِ، ودَرَجتُها، وثقافةُ الأبوينِ، ومُستوى تعليمِهم، والفِئةُ العُمريَّةُ، والحالةُ الماديَّةُ، والنَّظرة الاجتِماعيَّةُ وغيرُ ذلكَ الكثير. وتَتَنوَّعُ استجاباتُ أُسرِ الأطفالِ ذوي الإعاقةِ بينَ الصَّدمةِ والإدراكِ والتقبُّلِ والانسِحابِ الانفِعاليّ، وتَكونُ الأسرةُ حينها في تحتَ تأثيرِ سِلسِلةٍ من الضّغوطِ والتَخبُّطِ، الأمرُ الذي يَستَدعي تدخُّلَ فردٍ من خارجِ الأسرةِ يُرشِدُهم إلى الطُّرُق السَّليمةِ للتَّعاطي مع الحَدَث العائليّ الجَديد، ويُوضِّحُ لهم احتياجاتِ المَرحلةِ وآلياتِ استثمارِها للتّعايشِ معَ المولودِ ودمجِهِ في صفِّ الأسرة.
الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصَّة
ظَهَرَ مُصطَلَحُ الاحتياجاتِ الخاصَّة في تِسعينيَّاتِ القرنِ العشرين لِيَحلَّ مَحلَّ الوسمِ (مُعاق) والذي يُعرفُ بِه أولئكَ الذَّينَ ابتلاهمُ الله بِعَجزٍ كُلِّيٍّ أو جُزئيٍّ في القُدراتِ الجَسميَّةِ أو العقليَّةِ نتيجةَ نَقصٍ خَلقيّ، وقدِ استُخدِمَ المُصطلَحُ “ذوي الاحتياجاتِ الخاصَّةِ” للدّلالةِ على الأشخاصِ أو الأطفالِ الذينَ تَظهرُ لَديهم اختلافاتٍ في القُدراتِ العقليَّةِ، أو الجَسديَّةِ، أو الحِسيَّةِ، أو الخصائِصِ السُّلوكيَّةِ، أو اللغويَّةِ، أو التَّعليميَّةِ تُميِّزُ حامِلَها عن الأطفالِ العاديينَ أو المُتوسِّطين؛ ممّا يعني حاجَةُ هؤلاء لإضافاتٍ خاصَّةٍ تُعينُهم على التّعايُشِ مع واقِعِهم، مثلَ بعضِ البَرامِجِ، أو الأجهزةِ، أو التّعديلاتِ، أو الأدوات، أو الخَدَماتِ التَّربويَّةِ والخَدماتِ المُسانِدَةِ.
والطِّفلُ من ذوي الاحتياجاتِ الخاصَّةِ هو الطِّفلُ أو الفرد الذي لا يستطيعُ القيامَ بممارسَةِ بعضِ الأنشِطةِ، ولا يَستطيعُ اكتِسابَ الخبراتِ بالأساليبِ المُتاحةِ للشَّخصِ العاديّ،ويُفضِّلُ التَّربويُّونَ مُصطَلَحَ الاحتياجاتِ الخاصَّةِ لِرقَّةِ تعبيرِهِ وبُعدِهِ عن تَضمينِ المَضامينِ والمُصطلحاتِ السَّلبيَّةِ المُتمثِّلَةِ بالعَجزِ والإعاقةِ وغيرِها مِنَ المَفاهيمِ المُنفِّرةِ، وتَعني الاحتياجاتُ الخاصَّةُ تمييز فِئةٍ من المُجتَمعِ أو أفرادٍ لهم احتياجاتٌ تختلفُ عن احتياجاتِ باقي المُجتَمعِ لِعوزٍ لَديهم في السُّلوكاتِ أو التَّعليمِ أو النَّشاطاتِ الفِكريَّةِ أو الحركيَّةِ أو غيرِ ذلكَ، ممّا يضطرُّهم للاعتِمادِ على برامِجَ أو أدواتٍ أو أجهزَةٍ أو مُساعِداتٍ لِتلبيَةِ احتياجاتِهم للقيامِ بِوظائِفهم الطَبيعيَّةِ بصورةٍ شِبهَ طبيعيَّة، وتتنوَّعُ الحاجاتُ حَسبَ ظرفِ الحالةِ وطبيعَتِها لِتشمَلَ المُعوَّقينَ، والموهوبينَ، والمرضى، والحوامِلِ، والمُسنِّينَ، وأصحابِ التَشوُّهاتِ الخَلقيَّةِ وغيرِهم ممّن لا يؤدونَ نشاطاتِهم بصورةٍ عاديَّةٍ أو مُتوسِّطةٍ