كلنا رأينا في حياتنا اليوميّة كيف أن الكثير من الناس جاهلون حولنا، ونحن بحد ذاتنا كذلك أيضا، فكلمة جاهل ليست تحمل نفس المعنى الذي جعلناه نمطيّا في رؤوسنا، فليست كلمة جاهل تعني الغباء، إنما الجهل هو عدم الإحاطة علمًا بشيء ما، وعند الإحاطة بذلك الشيء علما، يصبح الجاهل للشيء عالما به.
هذا في اللغة، لكن كلمة جهل التي يقذف الناس بعضهم بعضا بها تحمل معنا آخر يعني الغباء والبلادة والتفاهة. وفي الحقيقة، التفاهة هي إحدى سمات إظهار الجهل بالطريقة الخاطئة.
فعندما يكون المرء جاهلا بشيء ما ويحاول مع ذلك إظهار نفسه عالما به، فإنه يشرع في لفظ كلمات لا معنى لها تضعه أحيانا في موقف محرج وتظهره تافها، فالأحسن للمرء أن يعترف بجهله ليتعلّم، فلا حرج في ذلك، وإن لم يرد، فإن الانترنت يغنيه عن كلّ إحراج قد يتخيّل في أنه قد يحدث له.
في عزّ أزمة كورونا، ظهر الجهل في أسمى صوره النقيّة الخالية من أي ذرّة علم. للأسف، الجهل الذي ازدهر في هذه الفترة تمت ولادته على ألسنة أشخاص كان يجب أن يكونوا مثقفين، فهم رؤساء، ووجهاء، وأصحاب مناصب عالية في الحكومات والدول.
لنبدأ مثلا برئيس البرازيل جايير بولسونارو، الذي قال في عام 2020م، إن لقاحات كورونا التي يعمل عليها آلاف العلماء على قدم وساق لأجل إنقاذ حَيَوات من الموت المحتّم، “ستحولكم إلى تماسيح”. وقال أيضا “إذا تحوّل أحدكم إلى سوبرمان أو نبتت للمرأة لحية أو أصبح للرجل صوت نسائي فهذه مشكلتكم”، في أسمى صور الجهل تفشيًا في العالم والذي يصدر من فم رئيس بلاد ضخمة كالبرازيل.
ثانيًا رجل دين إيراني يدعى عباس تبريزيان، الذي قال إن لقاحات كورونا تحوّل متلقيها إلى مثليّي الجنس. وهو تصريح آخر في مسلسل تافه لا ينتهي من التنمّر على المثليّين جنسيا في دول العالم الثالث.
ثالثا رئيس مدغشقر أندريه راغولينا، الذي أشاد بعلاج عشبيّ مصنوع محليّا من الشيح، وقال بأنه شخصيّا لن يتلقّى لقاح كورونا وأنه وعائلته سيتمّ حمايتهم من الوباء بذلك الشراب العشبي الذي أخذ الجيش في توزيعه على الناس. بذلك، ينشر قائد بلاد بنفسه الجهل بين العامة ويمنعهم بطريقة غير مباشرة من تلقي اللقاح حيث إن مثل هذه التصريحات التي تصدر من فم رئيس بلاد تؤثر كثيرًا خاصة على الناس البسطاء، فيتتبعون أثره ويأخذونه مثالاً، خاصة وأن شعب مدغشقر شعب تقليدي لا زال يثق في العلاجات التقليديّة المتوارثة على الأجداد.
هذا عدا تلك الإشاعات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تبعد الكثير عن التطعيم، وتفقدهم الثقة في اللقاحات، وتخيفهم بالقول، مثلا أن لقاحات كورونا تحوّل متلقيها إلى “زومبي”… إضافة إلى أشخاص كثر ظهروا على شاشات التلفاز يدّعون بأنهم أطباء وينصحون الناس بأعشاب، وخضراوات أكلات من قبيل الثوم، و”الشلولو”، والقرنفل، وهم بذلك يسدون خدمة للمضاربين الذين يرفعون أسعار هذه الأعشاب والخضراوات، فيزيدون همّ المواطن البسيط على هم.
بوركت خويا جلال روعة في منشور اروع
وكانك ادركت ما كنت اظن في نفسي انني اراه فقط ان لغة الجهل في زمننا هذا تغيرت فلم تعد ذاك الجهل الذي يجهل في الجاهل علما ما زانما اصبحت التفاهة والبلادة والفراغ العقل في تعاملاته مع الناس هو ذاك الجهل الذي لن يتعلم صاحبه علما وانما الجهل بخلق لن نجد فيه اامدارس تدرس جاهل الخلق عن الخلق في زمن ما اكثر فيه جهلة الاخلاق وغابت فيه سمات العقلاء