تحليل : الجزائر 2 – المكسيك 2
ضيّع المنتخب الوطني الفوز أمام نظيره المكسيكي، بعد أن كان متفوقا في النتيجة إلى غاية الدقيقة 86، في لقاء عرف خروج عدلان ڨديورة بالبطاقة الحمراء مع بداية الشوط الثاني، لكن النقص العددي لم يوقف كتيبة بلماضي التي تألقت فنيا وتكتيكيا وبدنيا أمام بطل الكونكاكاف وأحد أقوى منتخبات المعمورة.
تكتيكيا، دخل بلماضي بتشكيلته المثالية تقريبا، وبنفس الرسم التكتيكي (4/3/3 – 4/1/4/1 في الوضعية الدفاعية)، مع تعويض عطال بحلايمية، بن العمري بتاهرات وبلايلي ببراهيمي.
بدأ المنتخب مباراته بضغط عال لحرمان منتخب المكسيك من بناء هجماته بطريقته المعتادة من الخلف، كما كان الحال في مباريات الكان أمام السنغال في النهائي ونيجيريا، وهو ما يدل على دراية الناخب الوطني لخصوصيات لعب منافسه الذي اضطر لتغيير الاستراتيجية مع الوقت وفرض صراعا بدنيا قويا، صمد فيه المنتخب ونجح فيه، وكان الخضر الأقرب للتسجيل عن طريق فغولي وبونجاح في الشوط الأول.
دفاعيا، كان المنتخب الوطني منظما كما ينبغي وحاضرا في الصراعات الثنائية، كما سجلنا مساهمة براهيمي ومحرز في غلق الأطراف والمساندة الدفاعية، وعودة سفيان فغولي واسماعيل بن ناصر الى الخلف لمساندة ڨديورة المتقدم أمام ثنائي المحور ماندي – تاهرات.
محور الدفاع كان مستميتا ومتفوقا إلى غاية هفوة ماندي التي كلفت المنتخب الهدف الأول، في إحدى المرات القليلة التي شكل فيها المكسيك خطرا على منطقة مبولحي، فيما وفق حلايمية في تقديم أداء جيد دفاعيا، على غرار بن سبعيني الذي سجل حضوره هجوميا بشكل أكبر.
خط الوسط كان في صراع مباشر مع ثلاثي منتخب المسكيك، وساهم في التغطية الدفاعية واسترجاع الكرات وتطبيق خطة الضغط العالي التي كانت تستوجب حضورا بدنيا مميزا من فغولي وبن ناصر الذي كان أفضل لاعب فوق أرضية الميدان وبرز بشكل لافت في مساندة ڨديورة دفاعيا واسترجاع الكرة وسرعة بناء الهجمة.
هجوميا، ظهر على بغداد بونجاح عدم التأقلم مع طريقة لعب براهيمي الذي تمادى في الاحتفاظ بالكرة، رغم ايجابياته الكثيرة في اللقاء وتحركاته في الوسط وعلى جهته اليسرى، وقربه من تسجيل هدف في قمة الروعة، وبدا أن بغداد بدون بلايلي لا يشبه بغداد حين يكون إلى جانبه بلايلي، كما بدا نفس الشيء على عيسى ماندي في الخلف، المتأثر بغياب جمال بن العمري الحاضر أكثر في الصراعات المباشرة، مع ترك مهمة التغطية لعيسى، ورغم ذلك، كان بونجاح كثير التحرك وتفوق في صراعات عديدة مع محور دفاع الخصم، وشكل نقطة ارتكاز لزملائه، وكان قريبا من التسجيل لولا سوء تقديره …
من جهته، عانى رياض محرز من تضييق دفاعي رهيب في الشوط الأول بوجود لاعبين إلى ثلاثة امامه في كل كرة، كما أن عدم وجود حلايمية بشكل بارز أماميا لصنع التفوق العددي، جعل بناء اللعب من جانب المنتخب يكون من الجهة اليسرى بشكل أكبر، لكن قائد المنتخب عرف متى يضرب ويفرض وجوده حين كان وراء الهدف الأول بعد هجمة جميلة ختمها بن ناصر بشكل أجمل، بالإضافة لهدفه الثاني الذي أكد فعالية منظومة الضغط العالي وحسن تطبيقها من طرف اللاعبين، ليكون الإنهاء جميلا ومبدعا من محرز الذي سجل هدف التفوق مباشرة بعد طرد ڨديورة !
بلماضي لم يغير الخطة حتى بعد طرد عدلان ڨديورة، فصار المنتخب يلعب بثنائي وسط دفاعي بن ناصر – فغولي، مع رجوع ياسين براهيمي، وفتح المجال لرامي بن سبعيني للصعود على الجهة اليسرى، فأتيحت للخضر فرص كثيرة، وشاهدنا تحرر محرز وحصوله على مساحات أكبر جعلته قريبا من التسجيل وتقديم كرة هدف لبونجاح لولا تدخل استثنائي من دفاع المنافس الذي تمكن من تعديل النتيجة بسبب خطأ مشترك من رباعي الدفاع، فلا تاهرات ولا حلايمية تمكنا من منع المهاجم من التقدم، فيما كسر بن سبعيني خطة التسلل التي لم تكن لتطبق في وضعية مماثلة، أبرزت نقص التنسيق بين عناصر دفاع تغير بنسبة 50% مقارنة بالتشكيلة المثالية المعتادة.
ورغم تضييع الفوز أمام منتخب شارك بجل نجومه وتفوق قبل أيام على هولندا، إلا أن النقاط الإيجابية المستخلصة من هذه المبارة كثيرة للغاية، أبرزها هوية لعب المنتخب ومنظومته التي تتأقلم مع خطط المنافسين وغياب الأساسيين، كما أن أداء العائدين فغولي وبن ناصر خاصة يبعث على الارتياح بالنسبة لمستقبل وسط ميداننا، مع ضرورة التحضير لما بعد ڨديورة تدريجيا، في انتظار عودة بن العمري وبلايلي وعطال التي ستجعل تشكيلة بلماضي أقوى بالتأكيد.
أرقام من المباراة :
1 : أول هدف لبن ناصر مع المنتخب. 16 : عدد أهداف رياض محرز مع المنتخب. 19 : عدد المباريات الرسمية دون هزيمة للمنتخب.
23 : عدد مباريات جمال بلماضي كناخب وطني مقابل : الانهزامات : 01 (البنين). التعادلات : 05 (غامبيا (02)، بورندي، الكونغو، المكسيك) الانتصارات : 17 (غامبيا، الطوغو، تونس، مالي، كينيا، السنغال (02)، تانزانيا، غينيا، كوت ديفوار، نيجيريا(02)، البنين، كولومبيا، زامبيا، بوتسوانا).
مدرب عالمي، أداء مونديالي ومنتخب يؤكد أنه سيد إفريقيا وبات من بين أفضل منتخبات العالم، بكل موضوعية.
المنظومة الناجحة الوحيدة في الجزائر هي منظومة المنتخب الوطني.
ج.م