“لا تتخيلين شعوري عندما تذهب والدتي للعمل ولتوفر لنا لقمة العيش… و أبقى في المنزل وأنا رجل في عز شبابه …أحس أني غير موجود …يموت فيّ الإحساس…”
هي عبارات بوضياف من بلدية سيدي البشير ولاية وهران ، البالغ من العمر 28 سنة، أصيب بإعاقة حركية بنسبة 100% ، يعيش مع أمه وأختاه اللّتان تعانيان كذلك من إعاقة حركية، سمي باسم “بوضياف” تيمنا بالرئيس الجزائري الراحل محمد بوضياف يوم غدر به ، أخذ منه الصراحة وقول كلمة الحق ولو على نفسه…، هو حاليا بدون عمل ، وقد كان يعمل حارسا في موقف السيارات بشكل غير قانوني ، وهذا ليتكفل بعائلته وهو رجلها الوحيد ، توقف عن عمله هذا لأنه شعر باحتقار لنفسه ، فهو يراه تسول بمسمى أخر حيث قال: ” أنا نعس سيارة و مين يجي صاحب سيارة إذا هو حب يعطيني براحته و لكن لوكان كنت أنا صح اعمل… انا نشرط عليه شحال يخلصني هي تشبه تسول” ،
يضيف ، أنه توقف عن الدراسة في مستوى شهادة التعليم الابتدائي، لأنه أصيب بإعاقته في ذلك الوقت ، وقد كان القسم الذي يدرس فيه في الطابق الأول لذا تعسر عليه الوصول إليه وحده ، وعندما طلب من مدير المؤسسة التربوية التي كان يدرس فيها أن يغير له القسم إلى الطابق الأرضي رفض هذا الأخير طلبه ، يقول بوضياف: ” نهار طاحت بيا الصحة طلعوني في القسم الفوق شفت أمي ترفدني و تطلع بيا دروج يوميا خممت و قررت نحبس.” هو اليوم يحمد الله أن أعطاه الفرصة ليتعلم الكتابة والقراءة ، يقول أنه لم يجد وقتها من يساعده ومن يرشده أو يشد على يده ليتم دراسته ولولا ذلك لأتمها بكل تأكيد…، وفيما يخص التوجه نحو رياضة المعاقين والانضمام إلى أحد الفرق المختصة ، أكد بوضياف أن إعاقته صعبة لا تمكنه من الحركة وممارسة الرياضة ، مما جعله ينسى مواهبه ويبعدها عن تفكيره ، وأصبح شغله الشاغل اليوم كيف يجعل أمه ترتاح ويقوم هو بدوره كرجل مسئول عن هذه العائلة.
وفيما يخص حلمه وما يرغب بتحقيقه، يقول أن التجارة هي ملاذه الوحيد ، ويعتبر أن فتح محل صغير فيه حفظ لكرامته ، وهو مستعد لفعل أيّ شيء يوصله لفتح محل خاص به لكن العين بصيرة واليد قصيرة يقول ، وفي سؤالنا عن المجتمع المدني ودوره في حل مشاكله ، أكد لنا أنه لا علاقة له بأي جمعية ،وأنه حاول أن يتواصل معهم ليساعدوه لكن دون جدوى …
بوضياف حلمه بسيط ومشروع ، لم يطلب زيادة في منحة يتسوّلها من الحكومة، ولكنه يطلب منحه حياة شريفة كريمة يشعر فيها بوجوده وبكينونته كرجل معيل لأسرة متمثلة في أمه وأختان معاقتان .