«المعاقون جزء لا يتجزأ من المجتمع، ومراعاة ظروفهم واجب وطني وانساني، كما أن احترام القوانين الخاصة بهم دليل على رقي المجتمع وتحضره».

من المؤسف أن حقوق المعاقين تحولت في كثير من الأوقات إلى مجرد شعارات، ولا وجود لمعظم بنود القانون على أرض الواقع. والعين الراصدة لا تخطئ ما يحدث من انتهاكات لحقوق هذه الفئات. فاختطاف مواقف المعاقين في كثير من مرافق ومؤسسات الدولة وجهاتها الحكومية والخاصة، أصبح ظاهرة مؤلمة وتدعو للاستغراب والتساؤلات: «أين هيبة القانون؟.. وأين القائمون على تطبيقه؟، ومن المسؤول عن التمادي في تجاوزه وارتكاب ممارسات غير حضارية بحق المعاق، بدلا من مساندته ودعمه؟».
الغريب انه لا تكاد تخلو جهة من الجهات الحكومية، او الخاصة من ظاهرة اختطاف مواقف ذوي الاعاقات، واصبح من اللافت ايضا اختطاف المواقف حتى في مدن العاصمة الجزائرية على مرأى جميع مرتادي مواقف المنافذ خاصة بالمستشفيات و المطارات دون نسيان الأماكن الخاصة بهم لركن سيارتهم أو معبر مرورهم، ، وعلى بعد خطوات معدودات من دوريات المرور المتواجدة بصفة دائمة، وفي مجمع الوزارات مواقف المعاقين مختطفة، وفي الجمعيات التعاونية والأندية الرياضية والمجمعات التجارية تتجلى هذه الظاهرة المرضية.
أين الضمير؟
مما يثير الاستغراب أكثر، أن من يقدم على اختطاف مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، يصنع ذلك بدماء باردة، وكأنه شيء عادي، ومن دون أن يؤنبه ضميره، فبمجرد وصوله المواقف يركن سيارته، وأمامه اللافتة التي تشير الى أن هذا الموقف لمعاق، لكن من آمن العقوبة اختطف حق معاق بحاجة إلى دعمه ومساندته والإحساس بمعاناته، إذْ ماذا يصنع شخص من ذوي الاعاقات، أياً كان نوعها حينما لا يجد مكانا يركن فيه سيارته؟ وكيف تكون نظرة المعاق إلى أناس انتهكوا حقه، واختطفوا موقفه وكسروا القوانين وتحدوها بلا احساس وطني ولا انساني؟
تحرك عاجل:
المطلوب تحرك عاجل لوقف اختطاف مواقف المعاقين، ولتطبق الجهات الحكومية اجراءات خاصة للحيلولة دون تكرارها على غرار التقنيات المطبقة في بعض أماكن المدن و المستشفيات و كذا الملاعب…إلخ، وغيرها من الأماكن الأخرى، حيث لا تفتح مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة إلا بالاتصال بأرقام معينة ليبادر عامل بفتحها للمعاق “بالأحرى يفهمها الجزائري بالمعريفة لجلب حقك ” وهذا ما صرحه أحد البرلمانيين الجزائريين في قبة المجلس الشعبي الوطني و هو من ذوي الإعاقة و شرس .

هناك قضايا أخرى نحتاج إلى التطرق إليها وقرع الأجراس لأهميتها،أبرزها تفعيل قانون المعاقين الجديد الذي لا يزال غير مفعل في المصالح الحكومية وغيرها، فمن غير المعقول ان يُقر القانون منذ أشهر، وبعد طول انتظار، وبعد ان كان حلما لذوي الاحتياجات الخاصة وأهاليهم، ثم يكون مآله «الحبر على الورق» وأن يصبح حبيس الادراج!… كما نطالب بتفعيل و دعم الجريدة الإلكترونية معاق أون لين ماديا و معنويا من السلطات المعنية بالأمر لإعطاء نفس و روح الإنتماء لبلد المليون و النصف شهيد لشريحة ذوي الإعاقة بالجانب الصحفي و الكتابي ….
لقد حان الوقت لأن تتحرك الجهات المعنية بذوي الاعاقة، لتفعيل قانون المعاقين، وتكريس حقوقهم وتوعية المجتمع بهموم هذه الفئات وقضاياها وكيف نساعدها في مواجهة الظروف، فضلاً عن تحقيق الدمج كاملا على أرض الواقع.
حقوق:
المطلوب أيضا توعية المعاقين أنفسهم بحقوقهم، فالإعاقة حتى ولو كانت بسيطة، وأيا ما كان نوعها تترتب عليها حقوق مكتسبة للمعاق، منها العلاج في مستشفيات الدولة، وحق التعليم والتأهيل المهني والتدريب العملي، فضلا عن توفير فرص وظيفية تناسب ظروف هذه الفئة.
إن حمل الشخص لبطاقة «معاق» تعني حصوله على خصم يصل إلى %50 في الكثير من المستشفيات الخاصة بجانب العلاج الحكومي، اضافة إلى اعطاء المعاق الأولوية في انهاء المعاملات لدى مراجعته المصالح الحكومية والخاصة ايضا، وعدم وقوفه في طوابير الانتظار، إلى جانب إعطائه «ملصقا» للسيارة لركنها في مواقف المعاقين، اضافة إلى حق السكن والاعانات المادية والرعاية الاجتماعية.
دعم ومساندة:
مرة أخرى، نؤكد أن حقوق المعاقين ليست منّة من أحد، والمطلوب تكريسها وجعلها واقعا معيشا، وعلى جهات الدولة ومنظمات المجتمع المدني التعاون مع الحكومة في دعمهم ومساندتهم والتوعية بحقوقهم وقضاياهم.
إن رقي الدول وتقدمها وتحضر شعوبها من الأمور التي تقاس بمؤشرات عدة، على رأسها احترام المعاقين وتقديرهم والإحساس بمعاناتهم وعدم انتهاك حقوقهم أو تجاهل القوانين الخاصة بهم.. فهل نحن متحضرون؟
أبرز حقوق المعاقين:
01- العلاج في مستشفيات الدولة، مع خصم يصل الى %50 في المستشفيات الخاصة.
02- خصم %50 على جميع رحلات الخطوط الجوية.
03- حق ركن السيارة في مواقف خاصة.
04- الأولوية في إنهاء المعاملات في المصالح الحكومية.
05- حق التعليم في مدارس التربية الخاصة لبعض الإعاقات.
06- العلاوة المالية والإعفاء من الرسوم في الجهات الحكومية.
07- الأنشطة الترفيهية والدمج مع الأصحاء.
08- حق السكن والتوظيف والتأهيل العلمي والعمل.
09- الإعفاء من البصمة للموظفين المعاقين، ومنح أهاليهم ساعات عمل أقل من زملائهم في جهات الدولة.
10- حق الحصول على قروض من بنك التسليف.
أين الصعدات؟

غير منطقي أن تخلو الكثير من الجهات الحكومية والخاصة من صعدات للكراسي المتحركة، وكأن المعاقين في واد آخر وعليهم أن يدبروا حالهم إذا راجع أحدهم أيا من هذه الجهات؟
النواب والمعاقون:
يرى كثير من ذوي الاحتياجات الخاصة وأهاليهم ان اهتمام بعض النواب بقضاياهم دون المأمول، فقليل من ممثلي الأمة هم الذين يتبنون مطالبهم وينقلون همومهم تحت قبة البرلمان. وانتقد معاقون وأهاليهم بعض النواب الذين يستغلون قضايا هذه الفئات في التكسب السياسي ودغدغة مشاعر الناخبين فقط.
محرومون من الترفيه:
في دول العالم المتحضّرة توجد مدن ترفيهية خاصة بذوي الإعاقات مزودة بوسائل الأمن والسلامة والألعاب الملائمة لظروف هذه الفئات.. فلماذا لا يطبق ذلك في الجزائر، رغم توافر الإمكانات المادية؟
_جلال مشروك_