إن العالم اليوم يعيش في حالة مزرية جدًا ومأساوية منذ أن حل به هذا الوباء الغريب، الذي يعتبره البعض بلاءً واختبارًا من الله، بينما يعتبره الآخرون حرب أيدلوجية باردة منسوجة على منوال القوى المتقدمة لضمان الهيمنة، والسيطرة، والتنافس المعتاد بينهم، ومهما يكن من الأمر، فإن هذا الوباء خطير جدًا حيث يفتك يوميا مئات من البشر، وينتشر سريعا كالفيضان، والبركان، لا يرحم ولا يمهل ولا يستأذن، وهو لم يفرض نفسه على فئة عمرية محددة، بل امتدت لتشمل جميع الفئات العمرية. وقسى أكثر على كبار السن، والضعفاء، ومتعرضي الأمراض، ولقد ذاق من ويلاته جميع القارات، فلقد عبر مسافات بعيدة لكي يفرض نفسه على الناس ويظهر لهم عجزهم وضعفهم عن مقاومته وسدّه، ولقد شمر الناس سواعدهم جميعا لأجل محاربته وإفنائه على صفحة الوجود بوسائل عديدة، فها هنا الأطباء وذوي العلوم من جهة يسعون قدر استطاعتهم للتوعية ومحاربة الوباء من خلال توفير لقاح لأجل محاربتها، ولقد نجحوا في اختراع عدة لقاحات كلها مضمونة للشفاء والعلاج. ومن جهة أخرى فهناك العلماء والدعاة والشيوخ يقومون بدورهم في إرشاد الناس وتذكيرهم بواجباتهم اتجاه الابتلاءات من دعاء وتضرع وتوبة، وتغيير حالهم من فساد إلى صلاح، يقول تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). رغم عناء الأطباء والشيوخ ومبادراتهم القيّمة فلم يهدأ الوباء من وحشيته، ولم يزل يقض المضاجع، ويأخذ الأحبة واحدا تلو الآخر، ويوما بعد يوم ولما أكثر الناس على كورونا وأطلق الشعراء والخطباء سهام الهجاء والنقد له، هدأ هُنيْهة حتى ظن الناس أنه على وشك الانصراف، وفي محطة الوداع، فهاج وثار ثورة ضرب فيها أشد من ضربته السابقة، فأصبح الناس بهذا حيارى في مأزق، فأصبح كورونا أغرب غريب، وأعجب عجيب! إذ إننا اعتدنا أن نعرف بدايات الأشياء ونهاياتها لكن كورونا نعم عرفنا بدايته، لكن متى سيغيب عنا؟ سؤال ليس لدينا جوابه إلى الآن. كورونا وعرقلته لقد أعلن كورونا الحرب في أول أمرها على الصين، لكنه لم يلبث أن أصبح العدو الأول للعالم، حيث شن هجماته على جميع الأقطار، وبث سمه على جميع الأجواء، حتى لم يكد أحد من الدول يسلم من آثاره الوخيمة، ومن هجماته الشرسة القاسية، فعرقل مسيرات الأمم في سبيلها إلى الحضارة والتطور، وأضعف اقتصاديها من خلال إنفاقهم للمليارات والملايين في سبيل محاربتها وإفنائها. فلم يزد الجهود إلا المشقات والصعاب، ولم يخف قسوتها حتى في الحياة الاجتماعية، حيث حظر الناس في بيوتهم، ومنع المناسبات، والزيارات، والاختلاط، والمجالس وغيرهم، ونشر البطالة وعرقل مسيرات الأعمال، فألزم الناس بيوتهم وأخوفهم من نفسه، وحتى الطلاب لم يسلموا منه فقد منعهم من الذهاب إلى المدرسة للدراسة، وباعد الناس بعد ما كانوا قاربين من بعض، وشتت الشمول، وفرق الحذام. إن الناس عامة يلعنونه الفقراء والأغنياء سيان في لعنه، ولقد حرم الفقراء أكثر وسد عليهم أبواب الخيرات والأرزاق، وضن على الأغنياء بعد ما كانت الحياة تعطيهم عطاء سخيا حتى أنهم أصبحوا يخشون على أنفسهم الفاقة والفقر، فقللوا صدقاتهم وخيراتهم على الفقراء والمساكين، تعليلا منهم بأن المنبع قد غاض وأن المعطي إليهم قد أمسك وامتنع. إن كورونا مس بالضرر والأذى بجميع أطراف الحياة ومفاسده أكثر من أن تعد وتحصى، لقد فعل بالناس الأفاعيل، وأعلن للناس حربا داعس وغبراء، لن نستطيع الخروج منها إلا بالتضرع والدعاء لخالقه وخالق جميع الفيروسات وهو الرب الذي إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون. كيفية الوقاية من كورونا لقد أعلن الأطباء والمختصون إرشادات وتوجيهات للوقاية من هذا الفيروس: 1. النظافة الجسدية بجميع أعضائه من الاغتسال والاستحمام قبل الخروج من البيت إلى مكان العمل أو غيره، وكذلك نظافة الهندام بلبس الثياب النظيفة الخالية من الفيروسات والنجاسة. 2. غسل اليدين من حين لحين بالصابون والتسلح بالسائل اليدوي في أماكن العمل، أو التجمعات وغيرهما. 3. لبس الكمامة النظيفة، والكاشف للفم، والأنف للوقاية من العدوى وغيره من الأمراض. 4. تفادي التجمعات والاختلاط والتصافح بالأيادي، ونضيف بعد الأخذ بالأسباب، التوجيهات والإرشادات الدينية، وهو التقوى، والتوبة، والتضرع، والخشوع، والدعاء له سبحانه عز وجل، بأن يرفع عنا هذا الوباء ويزيحه عنا آجلا ومن غير رجعة، ذهابا لا رجعة فيه وانصرافا أبديا. العلاج من الفيروس كورونا لم يدخر العلماء أي جهد في سبيل محاربة هذا الوباء، فاخترعوا في سبيل صده ومحاربته عدة لقاحات من دول متغايرة كلها فعالة ومجربة ومن أهمها لقاح سبوتنيك – في، ولقاح أسترازينيكا-أكسفورد، ولقاح فايز بيونتك، ولقاح مودرنا، ولقاح جونسون آند جونسون، ولقاح سينوفارم، وغيرها من اللقاحات، وكلها مضمونة في علاجها، والوقاية من هذا الفيروس. لكن الوقاية خير من العلاج فالنق أنفسنا من الوباء من خلال إتباع تعليمات المختصين، والاحتقان من هذه اللقاحات خير لنا من أن ندع المرض يهجمنا، فنكون حينها في فكي أسد، حيث يمكن النجاة كما نخمن ونرجح الهلاك على الحياة، ولقد أهدانا أيضا الطب التقليدي إرشادات إن طبقناها فمن المرجح أن نسلم من هذا المرض الخطير. فمن توجيهاتهم أن نتفادى المشروبات الباردة، وكذلك اللبن والحليب ونتجه إلى المشروبات الحارة والمرة كالزنجبيل، والليمون، وكذلك الثوم، فهما واقٍ مضمون للإصابة من هذا الفيروس الجبار، فهذه جملة من التعليمات والإرشادات للوقاية من هذا الوباء وللتخلص والعلاج منه. الخاتمة لن ألوم كورونا رغم ما فعله بنا من الأفاعيل، لأنه جاء في وقتها عصر العولمة والفساد والانحراف، فلقد ذكرنا بالله القوي العزيز بعد أن اغترنا بقوتنا، فبعث الله إلينا أحدا من جنوده لكي يرينا نفسه، وأن قوته لا تضاهيه أي قوة ومنه يستمد الجميع قواهم وإمكانياتهم، كما جاء أيضا لإنقاذنا من حاوية الانهيار والفساد، فنبهنا بعد أن كنا غافلين وأرجعنا إلى التوبة بعد أن كنا عنه معرضين، لقد قسى كورونا علينا كثيرا لكن فلنأخذ الأسباب، ولنتبع تعاليم المختصين والأطباء، ونتضرع إلى الله بالدعاء والتوبة، فإن غيّرنا أنفسنا غير الله لنا من البلاء إلى النعمة، وإلا فالبلاء مستمر ما دام التمادي مستمر. اللهم ارفع عنا هذا البلاء في أقرب وقت يا رب، وآخر دعوانا الحمد الله رب العالمين.